{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}{قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون} والفلاح الفوز بالمرام، وقيل: البقاء في الخير والإفلاح الدخول في ذلك كالإبشار الذي هو الدخول بالبشارة، وقد يجىء متعديًا وعليه قراءة طلحة بن مصرف. وعمرو بن عبيد {أَفْلَحَ} بالبناء للمفعول، و{قَدْ} لثبوت أمر متوقع وتحققه، والظاهر أنه هنا الفلاح لأن قد دخلت على فعله وهو متوقع الثبوت من حال المؤمنين، وجعله الزمخشري الإخبار بثباته وذلك لأن الفلاح مستقبل أبرز في معرض الماضي مؤكدًا بقد دلالة على تحققه فيفيد تحقق البشارة وثباتها كأنه قيل: قد تحقق أن المؤمنين من أهل الفلاح في الآخرة، وجوز أن يكون جملة {قَدْ أَفْلَحَ} جواب قسم محذوف وقد ذكر الزجاج في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها} [الشمس: 9] أنه جواب القسم المذكور قبله بتقدير اللام.وقرأ ورش عن نافع {قَدْ أَفْلَحَ} بالقاء حركة الهمزة على الدال وحذفها لفظًا لالتقاء الساكنين كما قال أبو البقاء وهما الهمزة الساكنة بعد نقل حركتها والدال الساكنة بحسب الأصل لأنه لا يعتد بحركتها العارضة.وقرأ طلحة أيضًا {قَدْ} بضم الهمزة والحاء والقاء واو الجمع وهي مخرجة على لغة أكلوني البراغيث، وقول ابن عطية هي قراءة مردودة مردود، وعن عيسى بن عمر قال: سمعت طلحة يقرأ {قَدْ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} فقلت له: أتلحن؟ قال: نعم كما لحن أصحابي، ولعل مراده إن مرجع قراءتي الرواية ومتى صحت في شيء لا يكون لحنًا في نفس الأمر وإن كان كذلك ظاهرًا، وإثبات الواو في الرسم مروى عن كتاب ابن خالويه.وفي اللوامح أنها حذفت في الدرج لالتقاء الساكنين وحملت الكتابة على ذلك فهي محذوفة فيها أيضًا، ونظير ذلك {وَيَمْحُ الله الباطل} [الشورى: 24] وقد جاء حذف الواو لفظًا وكتابة والاكتفاء بالضمة الدالة عليها كما في قوله:ولو أن الأطبا كان حولي *** وكان مع الأطباء الاساةوهو ضرورة عند بعض النحاة، والمراد بالمؤمنين قيل أما المصدقون بما علم ضرورة أنه من دين نبينا صلى الله عليه وسلم من التوحيد والنبوة والحشر الجسماني والجزاء ونظائرها فقوله تعالى: